عيادة جراحة المخ والأعصاب

ا. د. أحمد محمود الشريف

كتاب العصب السابع: الفصل الخامس 1

معنى كلمة التشخيص

إن التشخيص باختصار هو عملية التقاط طرف الخيط الموصل إلى معرفة موقع العلة وطبيعتها ومضاعفاتها. التشخيص هو محاولة معرفة العلة وراء مظاهر المرض. إنها عملية تبدأ بسماع المريض وتمر بفحصه وتنتهي بمحاولة عقلية منهجية لتفسير تلك المظاهر التي يشعر بها المريض ويجدها الطبيب لتحديد العلة وراءها. كل شكوى لا بد أن يكون وراءها سبب. وكل شكوى لها مظاهر، تلك المظاهر تعبر عن اضطراب وظائف من وظائف الجسم. تسعى عملية التشخيص نحو تحديد السبب أو العلة وراء تلك المظاهر. تلك العلة قد تكون بدنية أو نفسية. وفي بعض الأحوال لا تكون هناك علة مدركة، وتسمى تلك الأمراض بالأمراض غير المبررة أو الأعراض غير المبررة وفيها يكون العرض هو المرض.

لقد ذكرت لكم أن كل شكوى لا بد أن يكون لها سبب. فاعلموا – أعزائي القراء – أن المقصود هو الأسباب التشريحية أو المدركة في الصور أو التحاليل والتي تعني وجود اضطراب بدني مدرك. وقد تكون مدركة عن طريق ترتيب العلامات النفسية الواضحة لتشخيص الأمراض النفسية. لكن هناك شكوى هي عبارة عن اعتلال وظيفي لا يصحبه أي علة تشريحية مدركة. هذا الاعتلال الوظيفي يكون اسما للمرض وهنا يكون العرض هو المرض. سوف نتناول علاج الأمراض غير المبررة في الفصل التالي، لكن دعونا هنا نتكلم عن التشخيص.

السؤال عن العلاج هو أكثر سؤال يسمعه الطبيب وفي أحيان كثيرة يكون سؤال المريض عن سبب المرض كمرحلة أو محاولة للبحث عن العلاج عن طريق معرفة السبب. وتطلب أغلب النفوس إجابة شافية ومختصرة تزيل ما حل بهم من مرض وحبذا لو أمكن ذلك دون تجشم عناء الفحص الطبي وما يصحبه من الغرم والانتقال وانتظار الدور. وليت الأمر يقتصر على مقابلة طبيب للحصول على تلك الإجابة، بل ربما تطور الأمر إلى الحاجة إلى فحص إشعاعي أو آخر معملي مما يبدو تعقيدا للأمور وسفسطة زائدة. ولا سيما إذا ظهرت نتائج كل ذلك سلبية في نهاية المطاف كما في شلل بيل. ومن لا معرفة له بالطب معذور في النفور من ذلك مع ما هو معروف عن النفوس من الميل إلى الراحة مع إلف الصحة وعروض المرض. لكن للطب طريق في التشخيص من أجل العلاج يخالف تلك البادرة التي تسبق إلى اللسان إذا رأى عرضا ما لمرض شائع، فيقول إن اعوجاج الفم المصحوب بالعجز عن غلق العين يعني شلل بيل، وشحوب الوجه يعني فقر الدم، والقيء يعني التهاب المعدة وهكذا. كلا! لا يكون الطب إلا إذا وقعت في عقل الطبيب أمور: هل الصورة السريرية المعروضة على الطبيب مرضية أم لا؟ إذا كانت مرضا فما هو هذا المرض؟ إذا علم المرض فما هو سببه؟

احصل على نسختك الإلكترونية من كتاب العصب السابع

والكلام على سبب المرض يتم على ثلاثة مراحل: أولها: السبب الشائع وهو هنا شلل بيل. ثانيها: الأسباب الخطيرة والتي قد تحتاج علاجا عاجلا يخشى أن تفوت فرصة المريض لو تأخر تشخيصها أو تتفاقم حالته وهو هنا السكتة الدماغية. ثالثها: القائمة الكاملة للأسباب المحتملة والتي قد يسعى الطبيب في تقصيها كلها أو بعضها أو يهمل بعضها كل ذاك حسب ما يراه في نفع المريض وأثره في رسم خطة العلاج. وقد ألقيت الضوء عليها سابقا. فكما نعلم فإن علاج المرض علاج سببه فإذا كان السبب وجود ورم في الدماغ فيتم تعديل خطة العلاج حيث يصير الهدف علاج الورم نفسه ويكون المحافظة على العصب السابع وسائر أنسجة الدماغ هدفا مصاحبا أو هدفا ثانويا وذلك حسب طبيعة السبب. والأمراض التي لها سبب معروف وعلة مدركة هي الأمراض المبررة. لكن هناك قسما آخر من الأمراض وهن الأمراض غير المبررة. تلك الأمراض لها أسباب قطعا، لكن الطب لم يقف عليها وقوفا راسخا. ولحسن الحظ، كثير من الأمراض غير المبررة يمكن علاجها والشفاء منها. كيف تعرفون معشر الأطباء علاج مرض مجهول السبب؟ سوف أجيبكم على ذلك في فصل العلاج.

احصل على نسختك الإلكترونية من كتاب العصب السابع

ما هي الأسئلة التشخيصية التي يسعى الطبيب إلى الإجابة عنها؟

السؤال التشخيصي الأول: أين العلة؟

السؤال التشخيصي الثاني: ما طبيعة العلة؟

السؤال التشخيصي الثالث: هل تسبب المرض في أي مضاعفات؟

السؤال التشخيصي الرابع: هل هناك أي أمراض مصاحبة للمرض الحالي؟

التشخيص المفترق

شارك الموضوع على حساباتك

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كلمنا